اخطر شيء يهدد مصر ومستقبلها وكيانها في الوقت الحالي هو الفتنة الطائفية المقيتة التي تجلت في أبشع صورها الأيام الماضية، حيث كانت المواجهة بين المسلمين والمسيحيين مختلفة هذه المرة، لأنها لم تكن كسابقاتها نتيجة لحادثة شرف أو خلاف على قطعة أرض، ولكن هذه المرة شهدنا حرق دور للعبادة من الطرفين، وهذا يعد مؤشرا خطيرا ويضع على عاتق المجلس العسكري الذي يحكم البلاد حاليا مسؤولية كبيرة، لأنه يهدد كيان البلد وتماسكها، وهي الدولة التي كانت على مدار التاريخ متماسكة بعيدة عن أي انقسام.
الإعلام المصري قال كلمته عن مسؤولية متطرفين مسيحيين ومسلمين عن هذه الفتنة، خاصة أتباع التيار السلفي الذين برزوا على الساحة السياسية بعد سقوط النظام المصري السابق، وقرروا الانخراط في العمل السياسي، رغم أنهم كانوا يرفضون دمج الدين بالسياسة ويقولون ان الدين طاهر والسياسة نجسة ولا يجوز أن يلتقيا، ولا أحد يدري ما الذي جعلهم يدخلون حلبة السياسة المصرية بهذه السخونة.
ورغم أن الصورة تبدو واضحة للبعض حول هوية مرتكبي جريمة حرق دور العبادة، إلا أنه يجب النظر إلى المسألة بشكل أعمق ويبحثوا عن المجرم الحقيقي، ويجب على الجهات الأمنية والمجلس العسكري الانتباه لهذه الفتنة في الوقت الحالي، ولابد ان تضرب بيد من حديد على كل من يتورط في مثل هذه الأحداث.
ورغم وجود من يرفضون التفسير التآمري للأحداث، إلا أنني أقول على مسؤوليتي الشخصية ان الفتنة الطائفية في مصر وفي البحرين وفي غيرهما ليست بريئة من المؤامرة.
الفتنة الطائفية في مصر هي وصفة أكيدة لتقسيم مصر إلى دولتين، دولة مسيحية في الجنوب ودولة إسلامية في الشمال وتصبح مصر مثل السودان، وتم التعبير عن ذلك والمطالبة به على شاشات الفضائيات من قبل شخصية مسيحية معروفة، حيث طالبت هذه الشخصية صراحة بإقامة دولة للمسيحيين في الجنوب.
لا يعقل أن المسلمين والمسيحيين الذين تعانقوا في ميدان التحرير وعبروا عن أقصى درجات التماسك يقومون بقتل بعضهم البعض وحرق الكنائس والمساجد بهذه الكيفية التي رأيناها.
ولابد ان يدرك المصريون ان بينهم مندسين يعملون لمصلحة من يدفع لتنفيذ مخطط جهنمي ضد وحدة وطنهم، ولابد أن يتذكروا من الذي قالها علنا ان الملف الذي نعمل عليه الآن هو ملف الفتنة الطائفية.
ولا يجب ان تتحول الثورة المصرية التي شارك فيها، المسلم إلى جانب المسيحي، إلى مشنقة لشنق مصر كلها لأن الأوضاع الأمنية المصرية وظروف الحكومة تساعد، للأسف الشديد، على تنفيذ عمليات أخرى مشابهة، فالحكومة تعيش بين نارين، لأنها تريد ان تهدئ من حالة الهياج الشعبي التي زادت عن الحد، وفي نفس الوقت تريد أن تفرض الأمن والنظام وتعيد هيبة الدولة.
فهل ستكون الاحداث المؤسفة التي وقعت بالقاهرة قبل ايام هي الاخيرة، أم ستظل الحالة الطائفية تزداد سخونة كل يوم؟