بات الأمر واضحا للجميع أن العراق ماض بشدة نحو الحرب الطائفية وإلى جر المنطقة برمتها إلى هذه الحرب المقيتة.
هذه هي نتيجة السياسات الطائفية التي مارستها الحكومات العراقية التي جاءت على ظهر الدبابات الأميركية التي جاءت لتنشر الديمقراطية والحرية على أرض العراق، فإذا بها تنشر الخراب والدمار وتأخذ العراق في طريق التقسيم والضياع.
إن ما صنعه الاحتلال وما صنعته الحكومات الطائفية بالعراق هو أسوأ بكثير مما صنعته الديكتاتورية والاستبداد، والأدلة على ذلك لا تحصى ولا تعد، فالعراقيون ازدادوا خوفا وازدادوا فقرا وأصبحوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وهم أصحاب أغنى دولة عربية!
وبعد أشهر من الحرب الأميركية الكاذبة على تنظيم داعش، ها هي الرمادي القريبة من بغداد تسقط في أيدي هذا التنظيم لكي تتعقد الأمور أكثر وأكثر وتجعل السعي لتحرير الموصل من قبضة التنظيم أمرا عسيرا.
أميركا أرادت تسليح السنة العراقيين، وحكومة العبادي رفضت ذلك، خوفا على العراق من التقسيم، على اعتبار أن تسليح السنة يمكن أن يخلق حربا بين السنة والشيعة ويتم تقسيم العراق بعد أن يسقط آلاف الضحايا جراء هذه الحرب.
وقد يكون اتهام العبادي وجماعته لأميركا بالسعي لتقسيم العراق اتهاما صحيحا، على اعتبار أن أميركا لم تصنع بالعراق سوى الخراب والدمار منذ أن جاءت إليه، ولكن العبادي يرفض هذه الرغبة الأميركية من باب الطائفية والتبعية لإيران وليس من باب الوطنية والخوف على العراق.
لو كانت الوطنية والخوف على العراق الدافع إلى رفض قيام أميركا بتسليح السنة والأكراد لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه في العراق، ولكن السياسات الطائفية للحكومات العراقية المتعاقبة والتحرك بتوجيه مباشر من ملالي إيران، كان لابد أن يخلق حالة من اليأس لدى مكونات الشعب العراقي الأخرى، وكان لابد أن يضيع العراق.
ليس من أمل في نجاة العراق سوى أن تقوم العراق، سنة وشيعة وكردا، ضد الحكومة الطائفية صفا واحدا في مواجهة الارهاب، ولكن هذا بات أمرا خياليا وساذجا بعد أن أصبح أمر العراق بأيدي الإيرانيين والأميركيين ولأنهما لا يريدان خيرا للعراق ولا لغير العراق.
والآن نستطيع أن نقول شكرا للديكتاتورية التي وحدت العراق وقطعت دابر الطائفية وأسكتت الطائفيين وجعلت للعراق جيشا قويا وليس جيشا ضعيفا أنفقت عليه الملايين ثم هرب كالقطط المذعورة من أمام جماعة مسلحة هي جماعة داعش.