الشيخ انتقل للتصويب على الصحافة (2-2)

الشيخ انتقل للتصويب على الصحافة (2-2)

الشيخ يعرف أكثر منا أن حرمة دم المسلم أقدس عند الله من الكعبة المشرفة، ويعرف أن الهجوم على دورية شرطة يمكن أن يقتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض، “ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”.
سماحة الشيخ يعلم جيدا أنه لو أهدر دمي في خطبته القادمة سيجد المئات مستعدين للقيام بهذه المهمة لأنهم سيعتقدون أن ذلك هو آخر عمل يفصل بينهم وبين دخول الجنة.
وسماحة الشيخ متأكد أيضا أنه لو قال ان الديمقراطية الغربية هي اختراع بشري وليست نصا إلهيا مقدسا، وأن كل دولة يمكن أن تطبق منها ما استطاعت حسب ظروفها وبالشكل الذي يتناسب مع تركيبتها السكانية، سيجد من يستمع إليه، وسيجد من يستمع إليه أيضا إذا قال إن الملكية الدستورية هي أيضا لم تنزل في القرآن، وأنها من صنع أمم صاغتها خلال تطورها التاريخي ووجدت في تطبيقها مصلحة لها، وأن هذه الدول وصلت إلى ما وصلت إليه تدريجيا، وليس بشكل انقلابي، وأن هذه الأمم لم تقف في الشوارع تحرق وتسحق بعض أبنائها الأبرياء حتى كان لها ما أرادت.
ولكن الحقيقة الواضحة أن سماحة الشيخ يترك أشياء كثيرة لا يتحدث عنها، وليس فقط الشأن السوري وعلاقته بالأصدقاء ودرجة الإحراج التي يمكن أن تنتج عن تناوله لهذا الشأن، فهو لم يتحدث إلا باسم المجموعة التي خرجت عن الاجماع واستخدمت العنف لتنفيذ مطالبها، ونسي أن مجموعة أخرى أكبر من شركاء الوطن قد خرجت هي الأخرى وقالت كلاما آخر غير الذي قالته المجموعة التي يسميها الشيخ بالمعارضة.
يا سماحة الشيخ نحن بكل تقدير واحترام نقول لكم انكم في حاجة لأن تثبتوا أن ما تطالبون به ليس عملا طائفيا مئة بالمئة، وأن هذا الاثبات لن يتحقق إلا إذا أقنعتم أكثر من ثلثي الشعب البحريني بأن يكون معكم في هذه المطالب، لأن الذين قالوا لكم “لا” – بصوت عال وواضح – كانوا أكثر بكثير من الذين نال منهم التحريض.
ونحن لا نريد من سماحتكم أن تعلنوا ولاءكم لحكام هذا البلد أو أن تقفوا ضد أحلام الطائفة التي تتحدثون باسمها، ولكننا نريد منكم أن تكونوا من أسباب صنع السلم الاجتماعي بين المسلمين من أبناء هذا الوطن، فهذا هو ما يتفق مع مهمتكم.

زبدة القول:
إذا احترقت البحرين يوما فستكون خطب الجمعة هي المحرك وهي الغطاء المقدس لما حدث، لأن التحريض من على المنابر يختلف عن أي تحريض آخر، وكلام رجال الدين يختلف عن كلام غيرهم، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا.