في كل مرة أكتب فيها عن السودان يقوم البعض بإعادة نشر عمودي بجريدة الراكوبة السودانية وهذا شيء يسعدني ويعود علي بالكثير جدا من الفائدة، لأنني أتعلم كثيرا من تعليقات السادة القراء.
ولذلك أصبحت الكتابة عن الشأن السوداني عرسا كبيرا بالنسبة لي ككاتبة، فكل مرة من المرات القليلة التي كتبت فيها عن السودان تعلمت أشياء كثيرة جدا من تفاعل القراء السودانيين معي، سواء بالموافقة والثناء أو بالنقد والشتيمة، وإن كانت مسألة الشتيمة هذه لا تنطبق إلا على عدد قليل ممن يخرجون عن المألوف ويستخدمون عبارات لا تليق وأنا أتسامح معهم وأعتبرهم نسبة طبيعية وليست كبيرة بين شعب به عدد كبير من المثقفين المحترمين.
التعليقات على العمود تعطي صورة كاملة عن ألوان الطيف السياسي السوداني وتجعلك وكأنك تستمع إلى برلمان يمثل كل فئات الشعب السوداني، فهناك من يجدها مناسبة لانتقاد نظام الرئيس البشير وحكومته التي يصفونها “بالكيزان”، وأعترف أنني حتى الآن أجهل معنى وصف الكيزان هذا وسبب استخدامه في وصف النظام، وهناك من يجدها مناسبة لتوجيه اللوم لدول النفط كونها أهملت السودان ولم تقدم المساعدة وبذلك دفعت السودان نحو الارتماء في الحضن الإيراني، وهناك من ينفعل بشدة ويدافع عن السياسة الخارجية السودانية قائلا: نحن أحرار نقيم العلاقات مع من نشاء من الدول، وهناك من يدلل على فكرته تدليلا جيدا كالذي قال: “اذكر في نهاية التسعينات كنت ضمن بعثة إعلامية دعانا المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم لافتتاح طريق الرنك الجبلي الذي كانت تنفذه منظمة جهاد البناء التابعة للحكومة الإيرانية..
وفوجئنا أن الطريق لا يتعدى طوله 60 كيلومترا ولكن مدة التنفيذ استغرقت 10 سنوات واكتشفنا أن العديد من القرى الواقعة على جانبي الطريق أقيمت فيها حسينيات… و60 كيلو اسفلت ممكن تنفذ في اقل من سنة”.
وهناك الأخ عمر الياس الذي أعطى المسألة أبعادا أخرى مهمة، فقال: “راحة ورعاية المواطن السوداني لم تكن في يوم من الأيام هدفا للحكومة بل بالعكس هي اتت لتدمير البلاد والعباد مستخدمة شعار الدين وحماس السوداني فانهارت القيم الاخلاقية الجميلة لدى الشعب السوداني وكون الشعب يتشيع لا يهمها في شيء لا بالعكس فهو يخدم بقاءها في الحكم فهي تعيش على جو الاختلافات بين مكونات الشعب، مسلم ومسيحي… سني وشيعي… عربي وأفريقي… قبيلة ضد الأخرى وهكذا، الحكومة في انهيار حقيقي على كل الاتجاهات اقتصادية، علاقات خارجية، تذمر شعبي من الغلاء والمعيشة وانهيار التعليم والصحة والفقر الذي وصل نسبة عالية جدا، الامطار وما فعلته من خسائر في الارواح والممتلكات. الحصار الاقتصادي في المعاملات البنكية، وسياسة دول الخليج تجاه حكومة الإخوان في مصر وتصنيف الإخوان كتنظيم ارهابي وهذا يزيد من الضغوط علي حكومة الكيزان.
قررت الحكومة إغلاق المركز الثقافي الإيراني حتى تبرهن للسعودية انها معها وأنها ليست مع ايران ضد السعودية وتقلل من نفوذ الصادق في جولته الحالية ولتذكر دول الخليج بأن السيد الصادق هو من قام بفتح المركز الثقافي الإيراني وانهم اي “الكيزان” من قام بإيقاف المد الشيعي في السودان وهم من طرد الملحق الثقافي الإيراني.
والخلاصة: (والكلام لا يزال للأخ عمر الياس) يا دول الخليج لا تقفوا مع السيد الصادق فهو من شيع أهل السودان والحكومة هي من أغلقت الحسينيات!.