عادت من جديد الفتاوى الغريبة المضحكة التي يطلقها بعض المشايخ وتتناولها وسائل الإعلام. الفتوى هذه المرة تدخل في نطاق التوظيف السياسي للدين أو توظيف الدين لخدمة أهداف جماعة الإخوان المسلمين وخلق حالة من البلبلة في عقول الناس وإدخال الشقاق والنزاع إلى داخل الأسرة الواحدة.
الشيخ الإخواني أفتى هذه المرة بأن الزوجة الإخوانية طبعا يحق لها أن تطلق من زوجها إذا كان هذا الزوج مؤيدا لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يطلق عليه الإخوان وغيرهم من الدونكشوتيين نظام الانقلاب.
ليس غريبا على الذين قالوا إن الرئيس الإخواني محمد مرسي صلى بالأنبياء وقالوا إن الله أنزل ملائكة يثبتون الإخوان المعتصمين في رابعة العدوية ويقاتلون معهم الشرطة والجيش في مصر أن يصدروا فتاوى من هذا النوع.
وليس غريبا على شيخ أذيع له فيديو يدعو فيه قطعان الجماعة الذين جرى حشدهم لكي يقتلوا جنود الجيش والشرطة ويقول لهم: “قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار” – ليس غريبا عليه أن يصدر فتاوى تدميرية لتحريض الزوجة على الطلاق إذا كان زوجها مؤيدا لما يسمونه الانقلاب!
صحيح أن الأزهر الشريف استنكر هذه الفتوى الهزلية واعتبرها نوعا من الهراء والاستخدام السياسي للدين، إلا أن هذه الفتوى تسيء للإسلام والمسلمين وتستخدم في تسفيه المسلمين والتهكم عليهم بنفس الدرجة التي تحدثها ممارسات التنظيمات المتخلفة مثل “داعش” ممن يصورون الإسلام تصويرا بدائيا متخلفا.
الإخوان المسلمون لم يصدقوا أنفسهم عندما وصلوا إلى الحكم في مصر، فراحوا يتصرفون بطريقة عشوائية مجنونة ويصنفون الناس بشكل عجيب، هذا فاسد، هذا فلول، هذه المؤسسة تحتاج إلى تطهير، وتلك تحتاج إلى إلغاء، فدخلوا في صراع مع الشعب كله، وكان لابد أن يسقطهم الشعب.
والآن بعد أن ضاع منهم الحلم، وصلوا في مواجهتهم مع الدولة المصرية إلى حد الهذيان بسبب الصدمة التي تعرضوا لها، فهم أيضا لم يصدقوا حتى الآن أن الشعب المصري لفظهم تماما ولن يتركهم يعودون مرة أخرى.
رد أحد أساتذة الأزهر على الفتوى الإخوانية: “أوضح الدكتور عبدالغفار هلال، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الخلاف في الرؤى السياسية؛ لا يعني الطلاق، وإنما الأساس هو المعاملة الزوجية، فإذا كانت سليمة؛ لا يجوز الطلاق، وإذا كان هناك خلاف يستدعي الطلاق، كأن يقوم الزوج بمضايقة زوجته أو التشديد عليها في الأحكام؛ فلها حق الطلاق”.
وأشار إلى أن تعبير “انقلابي” غير لائق، وأن الناس لا تُصَنَّف على أساس سياسي، خصوصا أن هذا المصطلح “مُخْتَرَع” وغير صحيح، ولا يجوز استخدامه في مصر، مشددا على أن مصلحة البلاد تقتضي عدم إقحام الدين في السياسة، وأن يكون أبناؤها على قلب رجل واحد.