قال أحد الطامحين سياسيا السائرين في فلك الشيخ علي سلمان المؤيدين لرفع ما يسمونه بالعريضة الشعبية لمناهضة التجنيس إلى جهات أجنبية إن تدويل مسألة التجنيس لها ما يبررها، حيث إن الحكومة – طبقا للمنطق الخنفشاري المعدل – هي التي بدأت بتدويل هذه القضية، لأنها قامت بتجنيس أناس من جنسيات مختلفة.
صاحب هذا المنطق الخنفشاري الجديد أراد – حسب تفسير أحد المنظرين لهذا المنطق- أن يستبق أقلام المطنطنين الحكوميين الذين سيرفضون اللجوء للخارج في عرض القضايا الداخلية، فيقطع الطريق عليهم ويلقمهم حجرا كبيرا، حتى وإن كان ذلك بتبني المنطق الخنفشاري المعروف تاريخيا.
نستميح كل الذين يقرأون هذه الكلمات عذرا، فلا يوجد منطق آخر سوى ذلك المذكور آنفا يمكن أن يساوي بين ما قامت به الحكومة من تجنيس لمواطنين من دول عديدة، وبين ما يريد هؤلاء القيام من تدويل لمسألة التجنيس. فما هي العلاقة بين الاثنين بالله عليكم؟ هل كان من المفترض أن يكون التجنيس من داخل مملكة البحرين لكي لا يوصف بأنه تدويل؟ أم إن ما قاله صاحبنا يستعصي على فهم البسطاء من أمثالنا مثل نظرية النسبية لألبرت أينشتاين؟
ولكن الحق يقال، فالشيخ علي سلمان نفسه لم يلجأ في تصميمه على تدويل المسألة إلى المنطق الخنفشاري الذي لجأ إليه تابعوه، فهو لا يرى عيبا يجب تزيينه وتبريره في مسألة اللجوء للخارج واستفتائه والاستقواء به، فهذا الأمر لديه منهج وعقيدة لا يخجل من كشفها. ومهما كانت النتائج التي سيؤدي إليها الاستقواء بالخارج فهذا أمر لا يهم في سبيل تحقيق الغاية المطلوبة.
قد يقول قائل إن اللجوء للخارج يعد طعنة للوطن ويستدل على ذلك بالعراقيين الذين كانوا قيادات في فيلق بدر والذين حاربوا بلدهم العراق إلى جانب إيران خلال الحرب بين البلدين والذين حصلوا فيما بعد على المكافآت وأصبحوا قادة في بلدهم الذي حاربوه من قبل.
ولكن قد يرد عليه قائل آخر ويقول إن الحرب إلى جانب إيران كانت حربا مقدسة لأن صدام حسين كان يحكم العراق آنذاك، وإن الاستعانة بالخارج على الحكم الذي لا نرتضيه أمر لا غبار عليه في مثل هذه الحالات، والمهم في المسألة برمتها هو وجود مرجعية تفتي بجواز ذلك، فالمرجعية فوق الوطن حتى وإن كانت في أقصى الأرض.
لذلك كان الشيخ علي سلمان صريحا وواضحا في مطلبه من دون حاجة اللجوء إلى المنطق الخنفشاري.
ويبقى أن نقول إن المنطق الخنفشاري في تبرير القضايا الفاشلة ليس وليد اليوم ولكنه قديم، وإن الفضل في مجيئه للبشرية رجل كان يتصدى للفتوى في كل شيء ويدَّعي المعرفة في كل شيء، فأراد بعض الناس أن يختبروه، فابتكروا كلمة لا وجود لها ولا معنى، وهي كلمة “خنفشار” وسألوه: ما هو الخنفشار؟، فقال لهم: الخنفشار عشب طيب الرائحة ينبت في اليمن إذا أكلته الإبل عقد لبنها. وإمعانا في توثيق الكذب، قام هذا الرجل المتعالم بتأليف بيت من الشعر يؤكد به تعريفه للخنفشار، فقال:
“لقد عقدت محبتكم فؤادي كما عقد الحليب الخنفشار”.
رحم الله الخنفشاري الأول، ووفق الله الخنفشاريون الجدد.