الثورات العربية وتوقف مسيرة المرأة

الثورات العربية وتوقف مسيرة المرأة

قامت الأمة العربية بعد طول رقاد وحطمت الكثير من الأغلال وأسقطت أكثر من ديكتاتور وحققت الكثير من الأهداف، وأجلست على كراسي الحكم أشخاصا كانوا حتى عهد قريب مطاردين يخرجون من السجن لكي يعودوا إليه.
برلمانات انتخبت بحرية، ودساتير صيغت لعهد جديد، وتغيرت أحوال الأمة بشكل لم يكن يتخيله عقل.
ولكن الذين أسقطوا الطغاة لم يسقطوا هيمنة الرجل وسيادة الذكر ولم يحققوا جديدا للمرأة العربية التي سقطت حقوقها سهوا في الزحام، وكأن المرأة محسوبة على الأنظمة التي سقطت ولا يحق لها أن تنعم كغيرها بالعهد الجديد.
لقد تراجعت مسألة تمكين المرأة في البلاد التي قامت بها الثورات بشكل مزعج، خاصة في مصر وتونس اللتان قادتا مسألة التنوير وأعدتا من التشريعات ما يساعد المرأة على نيل حقوقها.
لقد تم إلغاء الكوتا النسائية وعادت المرأة لتدخل في حروب غير متكافئة مع جيوش جرارة من الجماعات السلفية الساعية بكل قوتها إلى إعادة المرأة إلى عصر الحريم، وقد يفاجئونا خلال أيام بحل المجلس الأعلى للمرأة في مصر.
فهل كانت مكاسب المرأة مرتبطة فقط بشخصية حرم الرئيس السابق، وكان ولابد أن يتم تجاهل هذه الحقوق على اعتبار أنها من المساوئ التي ارتكبها النظام السابق؟
الصحف تمتلئ بمعارك سياسية وصراع على السلطة وصراع على بنود الدستور ومن له حق صياغتها،وحقوق المسيحيين وحقوق المسلمين، ودور الجيش وصلاحيات الرئيس، ولكن لا توجد كلمة في وسط هذا الضجيج الكبير عن حقوق المرأة ودورها، خاصة بعد أن خلت برلمانات الثورات تقريبا من النساء.
بعض الأصوات تحدثت على استحياء عن ضرورة تعيين امرأة كنائبة لرئيس الجمهورية في مصر، ولكن ما الذي يعنيه منصب كهذا إذا ما أهملت حقوق المرأة وتم محو كل مكاسبها السابقة.
معنى ذلك أن هذه النائبة ستكون مجرد أيقونة جميلة داخل قصر الرئاسة، أيقونة تعبر عن تكريم شكلي أو وهمي للمرأة.
فهل المرأة وحقوقها شأن هامشي في هذه المرحلة الحساسة من حياة الأمة لكي يتم إغفالها أو تأجيلها؟
هل الرجال وحدهم هم الذين قاموا بالثورة؟ ألم تكن الفتيات حاضرات يهتفن طوال الليل في ميدان التحرير وفي كل ميادين مصر إلى جانب الرجال؟
لو خرجت المرأة المصرية والتونسية من المرحلة الحالية صفر اليدين، فسيكون لذلك آثار غاية في السوء على المرأة العربية بشكل عام.
الواضح الآن أن من لا يرفع صوته لا يجد من يهتم به، خاصة أن أشياء كثيرة تولد من جديد وحقوق وواجبات كثيرة تصاغ من جديد، وبالتالي لابد أن تكون المرأة حاضرة بذاتها وبصوتها ولا تنتظر من ينوب عنها في صياغة المرحلة القادمة.