التوحش مقابل الإنسانية على شاشة واحدة

التوحش مقابل الإنسانية على شاشة واحدة

الأحد 26 نوفمبر 2023

على شاشة واحدة نرى أطفالا مذبوحين أو مشوهين، نرى أنهم لا يجدون ماء نظيفا ولا طعاما ولا علاجا ولا مأوى، فحتى المستشفيات التي كان يأوي إلى جوارها الخائفون الذين هدمت بيوتهم قصفت هي الأخرى ولم يعد هؤلاء ينتظرون شيئا سوى الموت الذي قد يأتي بين لحظة وأخرى، ويتساءلون من الذي يموت أولا ومن سيدفن من أطفال بلا آباء أو أمهات، ورجال فقدوا أسرهم بكاملها ووقفوا في العراء يرفعون أيديهم إلى السماء يطلبون الرحمة ويطلبون لعنة الله على قتلة الأطفال ومجرمي الحرب الذين تجاوزوا كل الحدود وفعلوا ما لم يفعله أحد عبر التاريخ.
هذا هو المشهد اللاإنساني الذي لم نره من قبل، وفي مقابل هذا المشهد نرى على نفس الشاشة سيدة إسرائيلية كانت أسيرة لدى الفلسطينيين وأطلقوا سراحها ونرى ممرضة أميركية كانت تعمل في غزة وأخرجها الفلسطينيون سالمة لتذهب إلى بيتها وأهلها من قلب هذا الموت الأسود، فماذا نقول لهذا العالم الذي لا يحرك ساكنا؟ ألم يسمع العالم ما ذكرته الممرضة الأميركية والسيدة الإسرائيلية عن المعاملة الإنسانية التي عاملها بها الفلسطينيون، وهم يقدمون لها العلاج ويجتهدون لحمايتها من القصف الإسرائيلي المتساقط فوق الرؤوس! وما الذي يجبر هؤلاء الذين قتل أطفالهم ونساؤهم على فعل ذلك؟ ما الذي يجبر أناسا لا يجدون الطعام والماء والعلاج أن يقدموا الماء والطعام والعلاج لغيرهم؟ ما الذي يجبرهم سوى إنسانيتهم ودينهم الإسلامي الذي يقول لهم لا تقتلوا طفلا أو شيخا أو امرأة ولا تقطعوا شجرة.
وفي المقابل وأمام العالم كله نجد من يقتل كل شيء بلا إنسانية أو رحمة.