البحرين ستصل قبل غيرها

البحرين ستصل قبل غيرها

“أستطيع أن أعيش بلا ديمقراطية عشر سنوات أو أكثر، ولكنني لا أستطيع أن أعيش بلا أمن ليلة واحدة”.
هذه العبارة سمعتها من أحد الحكماء في تعليقه على ما جرى في العالم العربي من ثورات لم تكتمل واحتجاجات أدت إلى التخريب والدمار الاقتصادي وأدت إلى تعطيل الإصلاحات السياسية والاقتصادية أكثر ما أدت إلى الإصلاح وتحقيق أحلام الفقراء.
هذه العبارة ذات مغزى كبير في الظروف التي تعيش فيها الأمة العربية في الوقت الحالي، ففي ليلة واحدة بلا أمن، يمكن أن يفقد آلاف البشر شرفهم أو أموالهم أو أرواحهم.
أي ديمقراطية يمكن أن تعوض الإنسان عن الإحساس المرير عندما تؤخذ منه زوجته أو ابنته وهو يسير في الطريق نهارا لكي يتم الاعتداء على شرفها دون خلق أو ضمير؟ وأي ديمقراطية تعوض إنسانا عن ثروته التي سرقت أو خربت في لحظة، أو تعوضه عن حياته التي ضاعت.
هذه الأمور حدثت لآلاف الناس فيما يسمى بدول الربيع العربي التي سقطت أنظمتها الاستبدادية، بسبب ضياع الأمن بشكل واضح، ففي ظل الغضب والانفلات الشعبي والأمني بعد سنوات طويلة من الكبت في ظل أنظمة مستبدة، أصبح الكثيرون يستبيحون القانون ويفعلون ما يريدون دون خوف من أجهزة الأمن التي أصبحت بلا شك أكثر خوفا من المجرمين الذين يرتكبون الجرائم.
الضابط أو الجندي يخرج إلى عمله في الصباح وهمه الوحيد أن يعود لبيته وأسرته سالما، وبالتالي فهو يتعامل مع الأحداث بروتينية بحتة ويحرص على حماية نفسه قانونيا وبدنيا دون استعداد للتضحية، لأنه لن يجد عونا من أحد إذا ما أحاط به المجرمون والبلطجية.
من يريد التحقق من هذا الكلام عليه تصفح الصحف العربية الخاصة بدول الربيع العربي، ليقرأ عن عشرات الحوادث التي تبدأ من السرقة بالإكراه والاغتصاب والقتل والحرق وقطع الطرق بجرأة غير معروفة في أي مكان في العالم.
أنا لا أريد أن أشكك في الثورات العربية وأشوه الديمقراطية كنظام حكم، فهذا ليس من حقي ولا من حق كائن من كان أن يقول بذلك، ولكن من حقي أن أقول ان الشعوب العربية حتى هذه اللحظة غير مؤهلة لممارسة الديمقراطية، فالديمقراطية والحرية في ظل الثورات العربية أصبحت كلمة مطاطة بشكل عجيب،فكل إنسان يفعل ما يشاء ويسب من يشاء ويقطع الطريق وقتما يشاء ويحرق أعظم المؤسسات في بلده لأنه يختلف مع غيره!
ولذلك من حقي أن أعلن بكل فخر وثقة بالنفس أن النموذج البحريني في التغيير هو النموذج الأمثل، وأقصد بالنموذج البحريني ذلك النمط الذي يعتمد على التغيير التدريجي وتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي بالتراكم والنمو الطبيعي لكل شيء في الحياة.
لقد بدأت البحرين الإصلاح قبل غيرها، وفي ظل ما نراه حولنا من نتائج لما جرى في أرجاء العالم العربي،سوف تصل البحرين إلى الوضع الأمثل قبل غيرها، لأن المعاناة الاقتصادية التي نتجت عن الثورات سوف تؤخر أي تقدم في ملف العدالة الاجتماعية في هذه الدول، ولأن الانفلات الأمني سيؤخر استقرار هذه الدول،فسوف تستمر التقلبات السياسية إلى حين، وهذا معناه أن النظام الذي يمتلك مقومات الإصلاح الذاتي ويتعايش مع نبض الجماهير كالنظام البحريني سوف يصل قبل غيره إلى بر الأمان.