الإخوان ودول الخليج

الإخوان ودول الخليج

ما نشرته جريدة السياسة الكويتية حول قضية الخلية الاخوانية في دولة الامارات العربية وعلاقة كويتيين بهذه الخلية شيء يدعو للخوف حقيقة وينذر بتفجير توترات ونزاعات بين الدول العربية وبعضها البعض، خاصة في ظل ما تعرضت له الكويت بالذات من أحداث العامين الماضيين.
فهذا الموضوع يمكن أن يؤدي إلى ما هو أكثر من توتر العلاقات بين الإمارات والكويت من جهة وبين جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة في مصر من الجهة الأخرى، فقد يؤدي، ربما لأول مرة، إلى الاختلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي حول ضرورات ومتطلبات الأمن القومي لهذه الدول.
ففي الوقت الذي تتضرر فيه دولتان خليجيتان من نشاط جماعة الإخوان فيهما، نجد دولة خليجية أخرى تقدم دعمها الكامل لهذه الجماعة، حتى وإن كان هذا الدعم يأتي في صورته المعلنة كدعم للاقتصاد المصري بشكل عام.
وعلى الرغم من إيماننا بأن دعم مصر في المرحلة الحالية واجب على الجميع، ليس فقط من قبيل الأخوة وأواصر التاريخ، ولكن من قبيل البراجماتية، وعلى اعتبار أن استقرار مصر وقوتها يدعم ويحمي الأمن القومي لدول الخليج العربي، إلا أن العبث باستقرار دول الخليج والسعي إلى فرض تغيير يخالف ثوابت وقناعات هذه الدول وقناعات الغالبية العظمى من أبنائها، هو أمر غير مقبول ويجب معالجته بحكمة قبل استفحاله إلى الحد الذي نخشاه.
“السياسة الكويتية” نقلت عن مصادرها أن الفريق الأمني الكويتي الذي توجه إلى الإمارات قبل أيام للاطلاع على التحقيقات التي أجرتها السلطات الاماراتية مع أفراد الخلية “الإماراتية – السعودية”، حصل على “معلومات خطيرة وحساسة معززة بأدلة دامغة تفيد بتورط شخصيات كويتية محسوبة على الإخوان المسلمين في تمويل الخلية بطرق غير مباشرة”، ملمحة إلى “تخفي بعض المتورطين وراء جمعيات خيرية ووسائل أخرى في تغطية عمليات تحويل الأموال”.
هذا الكلام- إن صح – فهو شيء خطير جدا، لأن هناك فرق شاسع بين أشكال الدعم التي نطالب بتقديمها لمصر كدولة وشعب وبين أموال يجري تحويلها لصالح جماعة أو فريق لدعمه في مواجهة خصومه السياسيين، فالدعم الأول هو دعم لمصر بكل مكوناتها بعيدا عن أي تدخل في شئونها الداخلية أو تأثير على قناعات أبنائها ومساعيهم نحو مستقبل أفضل، أما الدعم المخصص لفريق فهو إهانة لمصر التي هي أكبر دائما من أي مكون من مكوناتها، إلى جانب كونه استنزاف غير مشروع لأموال شعوب الخليج.
هذا فيما يتعلق بمسألة تحويل الأموال إلى جماعة الإخوان في مصر، أما فيما يتعلق بالنشاط الذي تمارسه الجماعة في الإمارات أو الكويت أو أي دولة من دول الخليج العربي، سواء كان هذا النشاط صغيرا أو كبيرا، فلكل دولة، وفق قوانينها وسعيها المشروع للحفاظ على استقرارها وأمنها، أن تتعامل مع هذا النشاط وتوقفه، وتتعامل مع من يمارسه وفق قوانينها، وعلى بقية دول الخليج أن تكون عونا لها في ذلك، وعلى جماعة الإخوان، مهما كان موقعها من الحكم في مصر، أن تحترم ذلك وتعي خطورة وحساسية وجود نشاط لا ترتضيه حكومات وشعوب دول الخليج على العلاقات بين مصر وهذه الدول، بل على العلاقات بين هذه الدول وبعضها البعض.