الصحافة هي مرآة الشعوب، فهي توفر الأخبار والتحليلات وتقدم وصفا للمواقف السياسية المختلفة وتنقل نبض الناس وتقوم بتشكيل الرأي العام وصنع الأحداث والتأثير على سيرها، فقد يؤدي خبر أو مقال في جريدة إلى خلق ثورة أو تدمير بلد معين وقد يسبب العكس.
ورأينا ماذا نتج عن نشر الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام من مواقف شعبية ومواقف إعلامية وسياسية تجاه الصحف التي نشرتها، بل تجاه الدول والشعوب التي تتبعها هذه الصحف.
ولا نبالغ إذا قلنا ان خبرا في جريدة يمكن أن يدمر الروح المعنوية لجيش بأكمله.. وعندما تنال الصحافة كامل حريتها تصبح أداة مهمة للمحاسبة ومقاومة الفساد بأشكاله المختلفة.
والصحافة هي المتنفس لكل صاحب فكر أو صاحب قلم، وهي أداة من أدوات التنوير ونشر الثقافة بين الشعوب.
والصحافة بما فيها من تباينات واختلافات فكرية وأيدولوجية تقدم صورة واضحة المعالم لحياة شعب من الشعوب خلال فترة زمنية معينة، ولو قام أي باحث بتحليل مضمون الصحف البحرينية خلال فترة قصيرة من الزمن لاستطاع أن يفهم طبيعة الكلاش السياسي والمواقف السياسية المختلفة الموجودة في البحرين خلال تلك الفترة.
وإذا نظرنا للصحافة كسجل أو ديوان للأحداث التي مضت، فإنها تصبح بمثابة مصدر هائل للمعلومات التي تهم الدارسين والمحللين. في مجالات الدراسات الاعلامية والسياسية واللغوية، بل والدراسات التاريخية.
سعدت جدا خلال حضوري افتتاح أرشيف الصحافة البحرينية بمركز عيسى الثقافي، فقد كانت فكرة رائعة من الشيخ عبدالله بن خالد رئيس مجلس أمناء المركز أن يتم حفظ هذا التراث المهم الذي يعد بمثابة ذاكرة للأمة.
فهذا الأرشيف سيكون بمثابة سجل كامل لما يجري وما يقال خلال حقب التاريخ المختلفة ويوفر صورة ووصفا صادقا لكل حركة الحياة يفيد كل من يريد فهم مرحلة معينة وتحليل ما جرى فيها من أحداث ومن كلاش سياسي خلالها.
هذا الأرشيف كان خطوة لابد منها لحفظ التراث بعد الطفرة الكبيرة التي شهدتها الصحافة البحرينية من ناحية الكم والكيف خلال سنوات حكم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ولا نبالغ إذا قلنا ان الصحافة نالت في عهد جلالة الملك المفدى ما لم تنله في تاريخها الذي بدأ منذ العام 1939.
وكان من دواعي سرورنا بتنفيذ هذه الخطوة أن تزامن ذلك مع عرس بحريني كبير وهو اختيار المنامة كعاصمة للثقافة وللصحافة العربية.
فشكرا للشيخ عبدالله بن خالد رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي على هذا الجهد الطيب الذي وضع لبنة جديدة ومهمة في هذا الصرح الثقافي البحريني الكبير وجعله شاملا ومحققا لتطلعات المثقفين والدارسين في كافة المجالات.