لاشك أن قرار الحكومة المصرية باعتبار جماعة الإخوان (المسلمين) جماعة إرهابية كان مفاجئا وربما صادما لشرائح معينة من شعوب الخليج العربي، على الرغم من عدم رضا شريحة كبيرة من هذه الشعوب عن ممارسات هذه الجماعة في مصر وفي الإمارات وفي أكثر من دولة عربية.
فجماعة الإخوان – على ما فيها من عيوب – لم تكن مطاردة في دول مجلس التعاون الخليجي على النحو الذي هي عليه في مصر وفي غيرها، وهناك بطبيعة الحال أسباب لذلك لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة.
ولم يختلف هذا الحال في دول الخليج كثيرا إلا في دولة الإمارات الشقيقة، حيث تفاقمت المشكلة بين الدولة الإماراتية وبين الإخوان لأسباب واضحة، وهي أن السلطات الإماراتية امتلكت أدلة دامغة على أن هذه الجماعة أضرت بالأمن القومي لدولة الإمارات ومارست سياسات غير مقبولة، وكل دولة لها الحق في أن تحافظ على مصالحها وأمنها بالشكل الذي تراه.
ولكن لا أحد ينكر أن قطاعا معينا من أبناء الخليج يتعاطف مع جماعة الإخوان ومع كل من ينادي بالدين وبالفضيلة حتى هذه اللحظة؛ لأن أعضاء هذا القطاع لم يدركوا بعد الحقيقة الكاملة حول ما جرى في مصر، الدولة التي أنجبت جماعة الإخوان والتي تقوم الآن بالتخلص منها، ولم يصابوا كما أصيب المصريون والتونسيون والسودانيون بخيبة الأمل الكبيرة خلال فترة حكم الإخوان لبلادهم.
ونحن مع اعترافنا بحساسية الوضع بالنسبة لكثير من الدول الخليجية، إلا أننا نريد من كل من يهمه الأمر أن يلتمس العذر لمصر التي لم تسترح يوما ولم تهدأ لحظة منذ ثلاث سنوات وتريد أن تعود لاستقرارها وأمنها وتنقذ اقتصادها الذي أوشك مرارا على الانهيار.
لابد أن نعترف أن الإخوان المسلمين هم الذين أضاعوا من أيديهم الفرصة التي أتتهم للمرة الأولى وفرطوا في مصلحة مصر وأهانوا الشعب الذي انتظر منهم الخير واعتبروا أوامر التنظيم العالمي ومصلحة الجماعة فوق مصلحة بلدهم،واعتبروا أن نجاحهم بفارق طفيف في الانتخابات الرئاسية تفويضا من الشعب لكي يقوموا بإهانة وشيطنة كل المؤسسات الموجودة تمهيدا لتفكيكها أو أخونتها، بما في ذلك المؤسسات الراسخة التي لم تعرف الفساد والانحراف مثل المؤسسة العسكرية والمؤسسة القضائية، وبدلا من أن يتفرغوا لرفع المعاناة عن الشعب تفرغوا للأخونة وسب القضاء المصري دون أي ضرورة.
وعندما أراد الشعب المحبط أن يتخلص منهم مبكرا ويصحح الخطأ الذي وقع فيه عند اختياره لهم، رفضوا ذلك وتحولوا من العداء للحكام وأجهزة الأمن إلى العداء مع الشعب نفسه، فكان جزاؤهم أن يتحالف الشعب والجيش ضدهم ويسقطهم.
الإخوان المسلمون لم يتركوا الرئيس الذي انتخبوه لكي يحكم ولكنهم جعلوه مجرد خادم أمين لأهداف الجماعة وأوامر المرشد العام فأفشلوه ولم يستطع أن يأتي بجديد، وكان الشيء الوحيد الذي ميز حكمه أنه كان أول رئيس في التاريخ يدخل البداوة والتخلف إلى قصر الرئاسة ويدعو أصدقاءه ومحبيه ليتناولوا الطعام وهم يفترشون الأرض.
فهل يحق لنا الآن أن نتعاطف مع جماعة وضعت بقاءها في الحكم في كفة وبقاء مصر آمنة موحدة في كفة أخرى؟