أين ستكون البحرين بعد أربع سنوات؟

أين ستكون البحرين بعد أربع سنوات؟

قد تغبطنا شعوب أخرى على ما حبانا الله إياه من مشروع إصلاحي انبثق من قناعة تامة لجلالة الملك، وما التعديلات الدستورية الأخيرة لعام 2012 (المادة 46) التي رافقت ذلك المشروع إلا تأكيد خالص بالسعي الجاد لمحاربة كل ما من شأنه عرقلة سير العملية الديمقراطية، فأرجو من النواب قراءة تلك المادة جيداً بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن، من حيث الرقابة المسبقة لأداء عمل الحكومة في السنوات الأربع القادمة، فتلك نقلة نوعية في علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة، ودالة من دلالات العمل الديمقراطي من جهة أخرى.
ونحن إذ نعلم أن حكومتنا الموقرة لديها ما لديها من خبراء ومهندسين وجهابذة في الرأي والمشورة، بحيث تدرك أن ما تم رفعه أو تقديمه لمجلس النواب هو أشبه ببيان عام 2010، وأنها بصدد الإفصاح عن برنامجها التفصيلي للعمل خلال السنوات الأربع القادمة في شهر مارس المقبل – أي بعد انقضاء المدة القانونية (30 يوما) للمجلس النيابي في رفع مرئياته على البرنامج الحكومي – وأن الحكومة تعرف جيداً مشاريعها والنتائج المنوي تحقيقها، والإنفاق المتوقع لكل وزارة، بما في ذلك الجدول الزمني لتحقيق ذلك ترافقه مؤشرات قابلة للقياس، تكاد تكون عالمية من حيث مستوى الشفافية وتدفق رؤوس الأموال وتطوير بيئة العمل والنزاهة وحقوق الإنسان، وحرية الرأي والتعبير، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية والتنموية والسياسية والاجتماعية، وبأن بعض المبادرات التي رافقت برنامج الحكومة هي في الأصل مهام واجب القيام بها كمبادرة معالجة العجز الاكتواري.
فإننا نؤكد أن مهمة النواب الحالية تكاد تكون الأصعب من نوعها في مسيرة العمل البرلماني منذ انطلق في 2002 ولا نبالغ إذا قلنا إنه امتحان لقدرة المجلس على أخذ دوره في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ مملكة البحرين الحديث، فعملية تقييم البرنامج الذي تقدمه الحكومة إلى مجلس النواب والشعب والرأي العام، ويتضمن بناء 20 ألف وحدة سكنية كرقم مشار اليه في البرنامج، عملية ليست هينة، فهل البيان وحده كاف لمعالجة وضع البحرين خلال الأربع سنوات القادمة؟ وهل أخذ البرنامج على عاتقه الربط بين البحرين بعد أربع سنوات ورؤية البحرين 2030؟
إنه في ظل تنامي الفكر الديني المتطرف الثيوقراطي، وتغيير مفهوم الدولة وفقاً لتداعيات العولمة وتدخل الشركات العابرة للحدود، فضلاً عن انخفاض سعر برميل النفط، فإن المواطن البحريني الواعي والمحب لأرضه قلقٌ على مستقبل الأجيال المقبلة، ويتساءل بوطنية: أين ستكون البحرين بعد أربع سنوات؟
تطرق البرنامج لإعادة هيكلة الأجهزة، فهل سيتم دمج قطاعات بعينها؟ كيف ستتم معالجة التضخم الوظيفي، هل هنالك خطة إحلال مثلا؟ بعض المبادرات موجودة في الأصل مثل دعم المؤسسات الصغيرة وإنشاء الحاضنات، فهل تم تقييمها؟ ترى الحكومة أن النفط ثروة ناضبة، فما هو البديل؟
هذه جملة من أسئلة الشارع البحريني، فهل يتمكن مجلس النواب من تعديل البرنامج؟ أم سيفسر الماء بعد الجهد بالماء؟.