أصيلة مدينة مغربية جميلة، ارتبط اسمها على مدى ثلاثين عاماً بمنتدى ثقافي عربي كبير، يتوق إلى حضوره المثقفون والأدباء والكتاب من أنحاء الوطن العربي. وقد قرأتُ كثيراً عن هذا المنتدى الثقافي الراقي الذي يقام كل عام في هذه المدينة الصغيرة، وحلمتُ بأن أحضر هذه الفعالية يوماً ما.
هذا العام تحققت أمنيتي بدعوة كريمة من السفير المغربي في البحرين السيد/ محمد آيت وعلي، وهو رجلٌ يعشق الثقافة ويؤمن بدورها في خدمة العلاقات العربية العربية. أقيم المنتدى هذا العام من الفترة من 1 – 18 أغسطس الجاري.
وقد أقيم المهرجان تحت رعاية شخصية مغربية لها مكانتها في حقل الثقافة، السيد محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة ومنتدى أصيلة الثقافي، الفائز بشخصية العام الثقافية من جائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2008. وقد حضر هذا المنتدى أيضاً وزير الثقافة المغربي السيد بن سالم حميش.
كنتُ الأصغر سناً بين الحاضرين، فقد ضم المؤتمر كوكبة من المثقفين والأدباء والكتاب والشعراء ورجال السياسة يصعب تجميعهم او الاستماع إليهم إلا في مثل هذا المنتدى الكبير الذي يعكس اهتماما مغربياً برعاية الثقافة والمثقفين، ليس على مستوى الداخل المغربي فحسب، ولكن على المستوى العربي.
شعرتُ بالفخر وأنا أجلس إلى جوار قامة بحرينية كبيرة خلال بعض فعاليات المؤتمر، وهو الدكتور علوي الهاشمي، الأمين العام للتعليم العالي بالبحرين، وأستمع إلى شخصيات ذات مكانة كبيرة في عالم الثقافة، مثل الدكتور صلاح فضل، والأديب جمال الغيطاني، والروائي واسيني الأعرج من الجزائر، والأستاذ راشد العريمي الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب وغيرهم.
الفنان اللبناني الكبير مارسيل خليفة غنى قصائد للشاعر الفلسطيني الخالد محمود درويش… وقد قدم منتدى هذا العام لمسة وفاء رائعة لاثنين من رجال الأدب ممن رحلوا عن دنيانا قبل فترة قصيرة، وهما الأديب السوداني الراحل الطيب الصالح، والشاعر الفلسطيني العظيم محمود درويش بتخصيص حديقة باسم كل منهما في هذه المدينة الجميلة التي ازدهت وكبرت باستضافتها لهذه الفعالية الجميلة على مدار كل هذه السنوات.
أجمل ما في هذا المهرجان – بالإضافة إلى الحفاوة والكرم الكبير الذي أحاطنا به الأشقاء المغاربة – هو الصدق في المشاعر والتفاعل العربي العربي، وهو الأمر الذي تفتقر إليه المؤتمرات السياسية التي يكون فيها كل شيء مفتعلاً ومبنياً على المجاملة من دون تقارب حقيقي بين العربي والعربي. ومن هنا يأتي الدور الكبير للثقافة في التصدي للكثير من قضايا عالمنا العربي.
وللحديث بقية.