أردوغان يعود للهذيان

أردوغان يعود للهذيان

في يوم من الأيام ترك رجب طيب أردوغان مؤتمر دافوس غاضبا لأن إدارة هذا المؤتمر لم تعطه فسحة من الوقت يتحدث فيها كما أعطت لشمعون، وقال خلال غضبه وقد حضرته عنجهية الأتراك إنه رئيس وزراء تركيا، وليس رئيس قبيلة!
ولكن في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام قليلة أثبت أن رؤساء القبائل يملكون من الحصافة واللباقة والدبلوماسية أكثر بكثير مما يملكه بعض رؤساء الدول، فقد خرج أردوغان عن المألوف ونسي أنه أصبح رئيس تركيا وليس فقط رئيس وزرائها.
تحدث أردوغان بشكل يسيء إلى شخصه ويثبت أنه يمر بحالة هذيان كبيرة، فقال إن بلاده لا تعترف بما أسماه الانقلاب العسكري في مصر، وكأن الشعب المصري لدى أردوغان يتمثل فقط في الجماعة الإرهابية التي يؤوي أردوغان قادتها على أراضيه وينفق على عمليات التخريب التي تقوم بها.
أردوغان لا يرى سوى أحلامه التي انهارت ويتناسى ما شهده العالم كله، يتناسى أكبر تظاهرة على مر التاريخ الإنساني، تلك التظاهرة التي ضمت أكثر من ثلاثين مليون مصري تنادي برحيل الرئيس الإخواني الذي نجح في الانتخابات على منافسه بهامش ضئيل جدا رغم التزوير والتهديد بحرق البلاد إن لم ينجح الرئيس الإخواني.
أردوغان لم ير الحضور الحاشد والانتخابات النزيهة التي شهدها العالم والتي أعطت عبدالفتاح السيسي أكثر من تسعين بالمئة من أصوات المصريين، لأنه أسير لآيديولوجيا معينة وأسير لأحلام دونكشوتية تريد استعادة أمجاد الخلافة التركية، بعد أن يئس من حلم الارتباط بالاتحاد الأوروبي!
القصة بالنسبة لأردوغان هي قصة سعي غير مستحق لزعامة العالم الاسلامي، وليست قصة انقلاب أو غير انقلاب في مصر، فهو يريد الإخوان في حكم مصر لكي يحول مصر إلى دولة تابعة لتركيا، هو يريد أن تبقى مصر صغيرة دائما، لأن مصر الكبيرة سوف تأخذ من بلاده الأضواء وستأخذ منها الريادة.
أردوغان رأى كيف نجح عبدالفتاح السيسي في استعادة احترام الدول العربية الكبيرة لمصر ومن بعدها دول العالم ذات المكانة، فأصابه ما أصابه وتحدث حديثا شعبويا لا يليق برئيس دولة يتحدث أمام منظمة دولية.
من المؤكد أن أردوغان يدرك أن اعترافه أو عدم اعترافه بالتغيير الذي حدث في مصر لا يمثل أية قيمة، فهو لا يملك قوة ولا تأثيرا على حركة الأحداث في العالم، فهو رئيس لدولة إسلامية قبلت أيدي الأوروبيين لكي يوافقوا على انضمامها لذلك النادي المسيحي ومع ذلك لم يوافقوا، فعادت إلى العرب والمسلمين لكي تجد لها مكانة أو زعامة، رئيس دولة ساعدت إسرائيل على قتل الفلسطينيين ثم عادت تمارس الخطابة ضد إسرائيل في مرحلة لاحقة، دولة تأكل مع الذئب وتحزن مع الراعي وبعد كل هذا تريد أن تعطي دروسا لغيرها!
الحقيقة التي يعرفها العالم كله حاليا أن أردوغان يؤوي تنظيما إرهابيا يخطط لهز استقرار جميع الدول العربية المحيطة به انتقاما من مصر والسعودية والإمارات والبحرين وكل الدول التي ساندت مصر في استعادة مكانتها بين شقيقاتها العربيات وبين بقية دول العالم.