أخيرا قرأنا خبرا يقول إن وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف قد أعلنت عن قيامها برفع دعوى قضائية لوقف أنشطة ما يسمى “المجلس العلمائي”، وهو أمر قد تأخر كثيرا وأظهر درجة كبيرة من التراخي من قبل الدولة البحرينية تجاه هذا الكيان الذي لم يلتزم بقوانين هذه الدولة، لا في نشأته ولا في ممارساته اللاحقة.
فهل الحساسية الطائفية والخوف من الاتهام بالتحيز والاضطهاد هو الذي جعل الجهات المسؤولة في البلاد تتهاون في تطبيق القانون تجاه هذا المجلس طوال هذا الوقت؟ رغم أنه من حيث تشكيله ونشأته وسياساته يكرس الطائفية إلى أقصى درجاتها، ويعمل، رغم اسمه، على شق الصفوف بدلا من مداواة الجروح ونشر الوئام؟.
كان ينبغي التصدي لهذا المجلس الطائفي منذ البداية، لأنه لم يتم إنشاؤه لخدمة نواح دينية أو علمية بحتة، ولو كان قد أنشئ لهذه الغاية لكان قد انضم القائمون عليه أو بعضهم للمجلس الأعلى للشؤون الاسلامية الذي أقره قانون الدولة وحدد له اختصاصات، ولما كانت هناك حاجة لوجوده.
ولو كان القائمون على هذا المجلس قد التزموا – على الرغم من هذه النشأة المعوجة – بالنواحي العلمية البحتة التي لا تتصل من قريب أو بعيد بالشحن الطائفي و”الكلاش” السياسي الدائر في البلاد برعاية أطراف خارجية،لكانوا قد أعطوا مبررا مقبولا لبقاء هذا المجلس حتى لو كان يعنى بطائفة دون غيرها، ولكن هذا لم يحدث!.
لقد كان إصرار أصحاب هذا المجلس على عدم الانضمام للمجلس الأعلى للشؤون الاسلامية في حد ذاته إصرارا على الخروج على الدولة نفسها وعدم الاعتراف بقوانينها وهذا مبرر أكيد لمنع أنشطة هذا المجلس،ولكن الحكومة لم تقم بهذا المنع من البداية وهو أمر غريب إلى حد كبير.
والشيء الذي لم أفهمه حتى الآن هو احتياج الدولة البحرينية، ممثلة في وزارة العدل، لحكم قضائي لكي تقوم بمنع أنشطة هذا الكيان، طالما أنه مجلس شكل بعيدا عن إرادة هذه الدولة وموافقتها؟.
أليس من حق الدولة أن تتصدى بشكل مباشر لمنع أنشطة أي كيان غير مشروع؟ خاصة أن هذا المجلس قد مارس السياسة، رغم أنه يسمى مجلسا علمائيا وليس حزبا سياسيا، وشارك في تكدير أمن البلاد وتحريض الشباب على العنف، أم أن سعي الدولة للحصول على حكم قضائي هو نوع من الحيطة الزائدة ورغبة في تجنب انتقادات الداخل والخارج، وعلى اعتبار أن المجلس العلمائي يدخل ضمن الذين فوق رؤوسهم ريشة؟.
ومع احترامنا لهذا التحرك المتأخر ضد هذا الكيان غير المشروع، فلابد أن تكون الدولة حاسمة في مواقفها خلال هذه المرحلة، خاصة في المسائل المتعلقة بأمن البلاد واستقرارها، والدولة بلا شك أعلم منا جميعا بأن الأمن القومي للبحرين معرض بشدة للخطر خلال هذه الفترة.