قد يكون مقبولا أن يخطئ الوزير في اللغة العربية، وما أكثر الوزراء الذين يخطئون في اللغة العربية، وما أكثر الوزراء الذين يهينون اللغة العربية، وكان وزير الخارجية المصري الأسبق مثالا واضحا في ذلك، فما أكثر التعبيرات الركيكة التي كان يستخدمها وهو يتحدث عن قضايا غاية في الخطورة والأهمية!
ولكن من غير المقبول أن يخطئ المذيع في اللغة العربية لأن المذيع شخص يتكرر وجوده على الشاشة، إضافة إلى أن المذيع يكون في الغالب شخصا حسن المظهر والهندام وبالتالي يقوم الكثير من الشباب وغير الشباب بتقليده في اختيار المفردات والتراكيب اللغوية، كما يقلدون الممثلين والممثلات في تسريحات الشعر وفي أشياء أخرى.
ولذلك فإنني أنقل عن صاحب كتاب”أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب والإذاعيين”قوله: وإذا كانت لغة المذيع الانكليزي ما تزال تتخذ معيارا للصواب اللغوي فإننا نتطلع إلى اليوم الذي تصبح فيه لغة المذيع العربي معيارا للصواب اللغوي هي الأخرى”.
ولأنه من الصعب أن يصل صوتي إلى خارج البحرين في ظل هذا الزحام الإعلامي، إن صح هذا التعبير، فإنني أوجه دعوتي للقائمين على شئون الإعلام في مملكة البحرين، وفي مقدمتهم الشيخ فواز بن محمد، وهو رجل صاحب رؤية وصاحب بصمة في الإعلام البحريني، أن يعطوا اهتماما للغة العربية، وأقترح في هذا الشأن أن يقيموا معهدا ملحقا بالإذاعة والتلفزيون، أو على الأقل يخصصوا دورات متكررة لرفع مستوى المذيعين في اللغة العربية، وليس معنى هذا أن مذيعي الفصحى الحاليين في البحرين ضعاف في اللغة، فهم من أفضل المذيعين العرب في إجادة اللغة في كل جوانبها، ولكننا نريد خلق أجيال تحترم اللغة وتقدسها، لأن اللغة تعكس صورة القائمين على الإعلام وتعكس صورة الدولة نفسها.
وأقترح أن تكون هذه الدورات لكل من يمارس العمل الإعلامي، وأن يسمح لنا نحن الكتاب بالالتحاق بهذه الدورات، فنحن في حاجة ماسة لذلك، فالفرق بين الكاتب والمذيع أن الكاتب يستطيع أن يكتب عبارة :”ونشبت أعمال عنف كثيرة… “دون أن يعرف القاريء إذا كانت الشين في “نشبت”مفتوحة أم مكسورة، ولكن المذيع لا يستطيع ذلك. فالكاتب يختبيء وراء اللغة المكتوبة فلا تظهر أخطاؤه للناس، ولكن المذيع لا يملك ذلك.
وعلى الرغم من هذا الفرق الذي يخدم أصحاب القلم، إلا أن الكثير من الكتاب المشاهير يكونون في وضع سيء عندما يتحدثون في التلفزيون حيث تجدهم إما يتحدثون بالعامية أو بالفصحى المملوءة بالأخطاء القاتلة فيأخذ ذلك من مكانتهم واعتبارهم لدى قرائهم ولدى مشاهدي التلفزيون.
ويجب أن يكون هناك تعاون بين جامعة البحرين وبين هيئة شئون الإعلام في هذا الجهد لرفع المستوى اللغوي للإعلاميين والكتاب كجزء من واجب الجامعة المفترض في خدمة المجتمع.
ملحوظة مهمة:
لم أكتب هذا الكلام لكي أعطي دروسا لغيري أو لأنني أكثر إجادة من غيري للغة الضاد، ولكنني قد أكون أكثر عشقا لها وأكثر حماسا من آخرين لإعادة الاحترام لها.