أحكام إسقاط الجنسية

أحكام إسقاط الجنسية

التعليق على أحكام القضاء أصبح آفة بحرينية غير مقبولة على الإطلاق، فما من حكم يصدر خصوصا الأحكام المتعلقة بجرائم تخص كيان الدولة البحرينية وبقاءها، نجد انتقادا صريحا أو مبطنا لهذه الأحكام وتركيزا على مأساة الشخص الذي صدر بحقه الحكم دون النظر لما ارتكبه الشخص ضد الوطن.
والذين ينتقدون أحكام القضاء، بشكل مباشر أو غير مباشر، يعلمون جيدا أنه لا جدوى من كلامهم، وأنه لن يتم تغيير هذه الأحكام إلا من خلال القضاء أيضا وفي حالة توفر شروط معينة تنظرها محكمة أعلى من المحكمة صاحبة الحكم الأول، فأحكام القضاء ليست قرارات تنبع من البواعث الشخصية للقاضي، ولكنها تطبيق صريح وواضح لقانون وضع من قبل، وبناء عليه فإن الذين ينتقدون الأحكام يهدفون في الواقع إلى تشويه الدولة كلها من خلال الإساءة للقضاء كأهم ركيزة من ركائزها. ومن أكثر الأحكام التي يتم تناولها في الصحف، الأحكام الخاصة بإسقاط الجنسية، حيث يقوم البعض بخلط السياسة بالقضاء بشكل فج وغير مقبول، ويقوم بانتقاد الدولة وكأن القضاء أداة من أدوات السلطة التنفيذية وليست سلطة قائمة بذاتها، ويقومون بتضخيم مأساة الذين نالوا هذه العقوبة وكأنهم ضحايا وليسوا مدانين؟ الكل يكتب مقدمة مدبجة حول احترامه للقضاء وأحكامه، ثم يعلق على هذه الأحكام ويحول المجرم إلى ضحية. يتساءلون عن مصير المجرم ولا يتساءلون عن جريمته في حق الوطن، هو في مأساة لا شك، ولكنه هو الذي نسج مأساته بيديه وهو المسؤول الأول والأخير عن مصيره وليست الدولة أو القاضي الذي حكم عليه.  الذي يقتل شخصا يحكم عليه بالإعدام فتكون مأساته أشد وأنكى من الذي فقد جنسيته، ولا أحد يتحدث عن أولاده الذين سيصبحون بعده بلا عائل يرعاهم ولا احد ينشغل بمأساته دون مأساة القتيل وذوي القتيل، وهذا هو الطبيعي، لأنه قاتل والقاتل لابد ان يعاقب.  ما فائدة العقاب وما فائدة القانون إذا كنا نتحدث عن مصير من أسقطت جنسياتهم دون ان نذكر القصة من بدايتها ونبين لماذا صدر الحكم أصلا؟ عقوبة التجريد من الجنسية عقوبة كبيرة لا شك في ذلك وتؤدي إلى هدم بيوت وتشريد أسر وتؤدي إلى أكثر من ذلك بكثير، ولكن ما الذي يفعله القضاء تجاه من يرتكب جريمة الخيانة في حق الوطن وفي حق العلم الذي ينتمي إليه؟ يجب أن نسأل عن الجريمة التي ارتكبها الشخص الذي نزعت عنه جنسيته أولا قبل أن نتساءل عن مصيره،نتساءل عن الضرر الذي ألحقه بغيره قبل أن نتساءل عن مصيره هو، لأن القانون وظيفته إصلاح المجتمع وإصلاح المجتمع يقتضي العقاب لمن يخرج على القانون وإلا تحولت الدولة إلى غابة يتصرف فيها كل شخص على هواه وحسب قوته.